شهدت قرية التراث في منطقة الشندغة التراثية يوم الأحد إقبالاً غير مسبوق على الفعاليات التراثية خلال مهرجان دبي للتسوق 2006 ـ 2007 التي تنظمها دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي بمناسبة احتفالات عيد الأضحى المبارك، فعرس الشحوح بمظاهره المميزة كان مفاجأة الاحتفالات التي استقطبت آلاف الزوّار ليحظوا بالتعرف على روعة المظاهر التي تميزه عن باقي الأعراس في الإمارات.
وقال حكم الهاشمي رئيس لجنة الفعاليات التراثية: «للعام الرابع على التوالي يقام عرس الشحوح مما يدل على قوة حضورها كفعالية استطاعت أن تصنع لها جمهورا كبيرا ينتظر فرصة قدوم مهرجان التسوق بفارغ الصبر ليعيش هذه الأجواء الخاصة، وفي كثير من الأحيان نتلقى اتصالات هاتفية من الجمهور للتأكد من وجود فعالية من الفعاليات دون غيرها ليكون حاضرا قبل بدئها بوقت كاف فيحجز مكانه لمتابعتها وذلك لعلمه بنجاحها كفعالية لها عشاقها خاصة وأنها تعكس جانبا مختلفا للأعراس في الإمارات».
وأضاف: «إن عرس الشحوح من الفعاليات الناجحة التي أثبتت وجودها وصمودها على مدى السنوات الأربع الأخيرة خلال المهرجان، ونحن كوننا منظمين للفعاليات التراثية علينا أن نعي أهواء وأمزجة الجمهور المحب للتراث، لذلك فإننا إلى جانب تجديدنا واستحداثنا لبعض الفعاليات لابد وأن نبقي على الأثر الجميل من الفعاليات السابقة كعرس الشحوح لأنه في الحقيقة يحمل الكثير من الرموز والمعاني الجميلة والتي قد تكون غائبة عن جيل الشباب من هذه الأيام، رغبة في إحيائها من أجل أن يتوارثها الأبناء جيلا بعد جيل وأن يحظى كل مقيم وزائر لأرض الإمارات بفرصة التعرف إلى هذه المظاهر الرائعة التي تميز عرس الشحوح».
ومن جانبه قال ناصر جمعة منسق فعالية عرس الشحوح: «إن فكرة تكرار عرس الشحوح وردت إلينا قبل انتهاء فعاليات مهرجان التسوق في العام 2005، نظرا للتميز الذي تحققه هذه الفعالية من عام لآخر وهذا ما نتوقعه لها خلال هذا العام أيضا، لذا قمنا بالتنسيق المبكر مع الشاعر سعيد المزيود الشحي المنسق العام لعرس الشحوح للعام الثالث على التوالي ليقوم بتجهيز سيناريو متكامل لهذه الفعالية التي تشتهر بطقوس خاصة وتحتاج لترتيبات مسبقة ومعينة قبل البدء في تنفيذها، مثل مساحة متسعة من الأرض لأن عدد الرجال كبير كما أن حركتهم تحتاج لمتسع لتسهيل خطوات السير من بدء الاحتفال حتى انتهائه، لذا قمنا بتخصيص ساحة قرية التراث التي تتميز باتساع رقعتها لتنفيذ العرس حيث يتسنى للجمهور مشاهدة كل مظاهره من أي اتجاه يقف فيه».
وقال عبدالله راشد الشحي رئيس جمعية الشحوح للفن الشعبي بأبوظبي: عرس الشحوح مظهر من مظاهر التراث في الإمارات والتي تختص بفئة معينة من سكانها وهم أهل الجبال، وقد تختلف بعض المظاهر أو ترتيب مراحل العرس من قبيلة إلى أخرى بحسب عاداتهم الاجتماعية لكنها تتفق في الإطار العام وتعرف جميعها بعرس الشحوح، أما أكثر ما يميز أعراس الشحوح فهي ثلاثة فنون تعرف بـ «الرواح» و«الندبة» و(الدخلة)، وتأتي على الترتيب التالي فالرواح يتمثل في مجموعة من الأشخاص يؤدون حركات على إيقاع الطبول الخاصة بقبائل الشحوح، يختلفون في عددهم بحسب حجم القبيلة التي يقام فيها العرس وعدد المدعوين إليه وقد يصل عددهم إلى 50 شخصأ أو أكثر ففن الرواح ينقسم بدورة إلى ثلاث مراحل حسب الوقت أولها (السرحة) وهي من الصباح حتى بعد الظهر ومن ثم الصودري حتى قبل المغرب وأخيراً (السيريي) وهي طوال الليل.
أما الدخلة فهي عبارة عن المدعوين الذين يقومون بالتجمع في مكان قريب من العرس ويقومون بداية بإطلاق طلقة نارية، ومن ثم يقومون بالندبة وبعد ذلك يقومون بالمشي باتجاه العرس تصاحبهم الرزفة والسييفة الذين يقومون برمي السيوف في الهواء إلى مسافات بعيدة شرط أن يكون السيّف محترفا في رمي السيف واستعادته مرة أخرى من المكان نفسه الذي قام بإلقائه منه، وإن لم يكن كذلك فعليه أن يتحرك بالاتجاه الذي يتحرك به السيف شرط أن لا يقع منه على الأرض كما يشترط أن يلقاه من النصلة وهي المسكة المخصصة لمسك السيف، وإن لم يتمكن من إمساك السيف من النصلة فعليه أن يمسكه بأية صورة كانت حتى وإن كان في هذا الأمر إصابات بالغة وكثيرا ما تحدث للسيّيفة، فمن العيب أن يسقط السيف على الأرض.
كما أنه من العيب أيضا أن تسقط منه أية قطعة من القطع التي يرتديها من الملابس أو السكين التي تسمى بالبيشك أو الغترة أو القحفية وهي الأغطية التي تلبس على الرأس، لذا يتطلب ويشترط في السييف أن يمتاز بالحرفية والمهارة، حيث يقوم باستقبالهم أهالي العرس بنفس الشكل من الجهة المقابلة يقومون بالترحيب بهم بنفس الطريقة إلى أن يصلوا للسلام عليهم ودعوتهم للجلوس في المكان المخصص لاستقبال الضيوف.
وتحدث سعيد المزيود الشحي رئيس فرقة المزيود الحربية عن مراحل الاحتفال التي تبدأ عند استقبال المدعوين حيث لا بد أن تبدأ التحية بالسلام على أهل العرس من جهة اليمين حتى آخر شخص.
ويضيف الشاعر أن الشلات الحربية التي تصاحب توافد المدعوين هي عبارة عن نوع من الفنون التراثية المتوارثة لدى بعض القبائل في الإمارات وهي أهازيج وكلماتها عبارة عن ذكر مفاخر العرب والخصال الحميدة، وتبدأ (الندبة) التي تتكون من كبكوب أو عدة كباكيب بحسب حجم العرس المقام وعدد المدعوين، والكبكوب يتألف من مجموعة من الرجال يقفون بشكل دائري يتوسطهم شخص يقوم بالندبة ويسمى النديب والرجال من حوله يقومون بالرد عليه ويعرفون بالرديدة.
ويكمل سعيد المزيود مظاهر الاحتفال بالعرس التي تتمثل في تقديم الفوالة وهي عبارة عن خبز يعرف لدى الشحوح بـ (السفاع) ويقدم معة الجبن والعسل والتمر والقهوة اما اليوم فالأمر مختلف بحسب التطور الزماني للمنطقة فالعشاء في عرس الشحوح عبارة عن ولائم ضخمة من الأرز واللحم والفاكهة وغيرها من الحلويات والقهوة العربية حيث يتم تقديم العشاء بعد صلاة العصر إلى قبل أذان المغرب لضمان بقاء المدعوين لأطول فترة ممكنة.
وتبدأ مرحلة زف العريس إلى بيت العروس والذي يأتي عن طريق الوسيط بين عائلتي العروس ويدخل العريس على عروسه في بيت أهلها وتخبر إحدى قريبات العروس من النساء عن مكان عروسه ليتجه صوبها ويصحب معه هدية يقوم بتقديمها للعروس، ويجلس بجانبها قليلا ثم يخرج للرجال الذين يستقبلونه بإطلاق الأعيرة النارية تعبيرا عن التهنئة والتبريكات.
م
ن
ق
و
ل
الجمعة مايو 09, 2008 1:33 am
